ما بين التغاضى و التقاضى/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول

اثنين, 2021/03/22 - 19:23

/قد يقول قائل بينهما نقطة واحدة و اختلاف شكلي، بين الغين و القاف.فعلا هي نقطة واحدة فحسب،على رأي البعض،لأن الشكل خلاف الجوهر،و إن كان له دور، فلا يقارن بأهمية الجوهر و المخبأ!.فما هي النقطة الجوهرية،التى قد يهملها التغاضى، فى هذا السياق المحاسبي الراهن،ضد ولد عبد العزيز و المشمولين معه،فيما يعرف بملف العشرية؟،و فى المقابل ما هي النقطة المأمول تحقيقها، فى ظل التقاضى،سوى العدل و إنصاف المتضرر الأول،الوطن،و هو الكيان الجامع لكل الضحايا المفترضين،الأحياء و الأموات و المنتظر،بإذن الله،بروزهم للوجود!.لا صعوبة فى فهم هذا المعنى النظري المروج له،من قبل أنصار لجنة التحقيق البرلمانية و ما أعقبها من إحالة، حركت الأمل و دغدغت المشاعر فحسب،مدة اتسمت بالاستهلاك و الغموض،دون الدخول السريع الحاسم،فى مساطر التقاضى،بحجة البحث الابتدائي عند الجهات الأمنية،و بحجج أو بأخرى،فأخذ المسار وقتا معتبرا،و كاد أن يكون سببا مبررا،فى اتهام وزيرنا الأول الحالي،بعدم الدقة،حين وعد بانتقال الملف "الأسبوع القادم"،لعتبة الاتهام،لكن أسابيع مرت،قبل تحريك الملف فعلا،و ظهر دون قضايا و ملفات كبرى كانت ضمن البحث البرلماني،التأسيسي،مثل ملف سونمكس ، و شركة ENer،على سبيل المثال لا الحصر،و جرت أمور ربما حالت فى المرحلة الأولى (البرلمانية) و الثانية(الأمنية) من نقاش تجاوزات، حصلت فى البر و البحر،و فى قطاعات حساسة،و لا أستبعد أن النظام الراهن تحاشى بعض الملفات لحساسيتها،فى باب العلاقات مع الصين و تركيا و ليبيا، و حتى مع قطر،التى نبارك و نرحب بشدة إعادة العلاقات معها.فمثلا لم يتعمق بحث اتفاقية هوندوج،رغم ما تثير من تساؤلات مشروعة،قد يبالغ فيها البعض أو ينفيها البعض الآخر،نفيا تاما، غير موضوعي،على رأي الفريق الأول،و كذلك بواخر بعض رجال الأعمال الأتراك،التى يروج البعض،و على نطاق واسع،أنها أتت على جزء معتبر وحساس من ثروتنا الوطنية البحرية،و تجاوزت بكثير،على رأي آخر،"نمط الاصطياد الصيني"،الذى سيبقى مثيرا للجدل،ما لم يحسم بجدية و إنصاف، جدله المزمن، و العصي على الفهم و حتى البحث الشفاف المريح،على رأي فريق مناوئى لاتفاق هوندوج!.ثم كذلك لماذا عدم البحث مبدئيا عن قصة أموال القذافى،و ما مدى دقة هذا الخبر و حجمه الفعلي فى حيز الواقع المصرفي و الانتخابي،حيث تزامنت تلك الأموال مع حملة و انتخابات 2009،و كيف دخلت تلك الأموال، و بأي حجة تم صرفها،و من كان المستفيد الأول منها،و كيف تجرأ البنك المركزي و البنك المحلي الوسيط، GBM، على الخوض فى هذا الملف المالي،المتشبع بملامح تبييض مال الشعب الليبي،المبدد،من قبل رئيسه الراحل،رحمه الله،معمر القذافى،و ما دور عزيز و غيره فى الاستيلاء على تلك الأموال المشبوهة بامتياز ،و من وجه آخر،ما صحة تهريب أموال ليبية،إبان سقوط نظام الزعيم الليبي،المثير للجدل،و ما تفاصيل قصة السنوسي، و كم دفعت ليبيا لتسلمه،و كيف دخل؟! و لماذا؟!، و كيف تم التعامل معه؟!،و ما دور بنت مكناس فى تسهيل علاقات عزيز و القذافى،و كيف أستغل "الجنس اللطيف"،بطريقة شرعية، أو مشبوهة،و الله أعلم،فى تلك الصلة الوثيقة،الموجودة فعلا و قطعا،بين الناها بنت مكناس و بعض أركان القذافى أنذاك؟!.و لماذا احتفظت بها كل الأنظمة المتعاقبة،بغض النظر عما يروج له من مزايا غير مقنعة،عند من يعرفها أكثر،حسب دعواه!.لقاءات رئاسية مباشرة مع مشبوهين،على رأي الإعلام المستقل المطلع، مثل النائب ولد خرشي و السفير السابق اسلكو ازدبيه و باهاي ولد قده،هل أغلق ملف سونمكس و فضائحه النتنة و ملف جزيرة "التيدره" و علاقات مؤسسات أهل قده بولد عبد العزيز،إثر لقاءات صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى مع الثلاثي المذكور؟!.و عموما لا أستغرب استغلال علاقات عائلية  شرعية(زواج)،لصالح الوطن أي وطن،و هو أمر مألوف فى تاريخ بعض الشعوب،لكن المرأة عند المجتمعات الموريتانية،ظلت فى منأى و حصن من شبهة ذلك التوظيف المريب،حسب منتقدى تجربة الناها بنت مكناس مع الليبيين،حيث مثلت حلقة الوصل الغريبة،بين نظام 6/6/العزيزي و نظام القذافى!.أما لقاءات صاحب الفخامة غزوانى مع الثلاثي المذكور أو غيرهم،فقد تأتى ضمن خطة ترتيب الأولويات و  مواجهة "المافيا المتشعبة" بتدرج.و من الضروري التنبيه باستمرار و صراحة،أن المنشود إنصاف دولة فى خطر مضاعف مركب و مزمن،و تكاد تنهار،بسبب تراكم التلاعب بالشأن العام عموما،و استغلال وحشي غريب للمال العمومي!.و الغاية و مركز التوجه الإعلامي و السياسي،النخبوي و الشعبي عند السواد الأعظم،هو رد الاعتبار لهيبة الأمر العمومي و المال العمومي و  استرداد ما أمكن من منهوبات، بتريليونات الأوقية،و إن لم يكن المبتغى فى الأصل الإساءة للمشمولين فى ملف العشرية أو غيره،إلا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم، منع شفاعة الحب ابن الحب،أسامة ابن زيد،فى المخزومية، عندما سرقت،و يومها الوحي يتنزل و خاتم الأنبياء بين ظهرانيهم،عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم،و وضع النقاط على الحروف."وَأيْمُ اللهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» .إذن لا داعي للاستعطاف، عبر إثارة قصص ألف ليل و ليلة، من صداقات أربعين سنة، بين الرئيس السابق عزيز و الرئيس الحالي غزوانى.و مهما تكن حاجتنا للحزم والصرامة فى مكافحة الفساد،فنحن بحاجة ملحة و استعجالية للابتعاد عن الإساءات المتنوعة و التشفى،خصوصا فى الإعلام.فقد أقدم بعض أدعياء المهنة،من بعض المدونين،لا كلهم طبعا،على سفاسف هابطة بامتياز،ينبغى النأي عنها،فنحن عائلة واحدة فى النهاية.و قبل اختتام هذه السطور المتأملة المستكنهة مصير هذا المسار المحاسبي المثير،أود التوقف و التعليق على تدوينة سابقة، للزميل الشهم،حنفى ولد ادهاه ،يقول فيها:" لا يمكن أن أفهم إطلاقا و لا أظنه من سوء فهمى أن يتهم رهط عزيز بهذه التهم التى تهد الجبال ثم  يقتصر النائب العام على مراقبتهم قضائيا.إنه أشبه ببعض القبائل التى لا تعاقب المغتصب  بغير تزويجه من مغتصبته". كلام بليغ،و يستحق النقاش...فما حدث حتى الآن لا يبعث كثيرا،على الأمل فى مكافحة الفساد!.و يوما بعد يوما تتأكد المخاوف المشروعة،من تطبيقنا الحرفي، لنهج بنى إسرائيل فى عهود خلت،و الذى حذر منه خاتم الأنبياء و المرسلين،محمد بن عبد الله،عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم.حيث كانوا ،أي بنو إسرائيل ، إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، و إذا سرق فيهم القوي تجاوزوا عنه.و رغم هذه الوقائع و المؤشرات، التى تبعث على التشاؤم المسوغ فى بقية المشوار القضائي ،و الذى بدأ ناقصا جدا و مشوها عن سبق إصرار،على رأي الكثير من المختصين و غيرهم من المتابعين،إلا أن الرأي العام الموريتاني بدأ يتململ و يضطرب و يتوجس خيفة و بعمق،على حاضره و مستقبله.فإلى أين نسير،إذا أفلتت المافيا من العقاب،بعد أن حصلت تبرئة نساء و رجال ولغوا جهارا نهارا فى المال العام و استغلال النفوذ على أبشع الأوجه و أخس المسلكيات الفاضحة و الممارسات المكشوفة المقرفة!.و البقية ذهبت "اكعبهم إصحاح"،إلى بيوت مرفهة زاخرة بالمال العام المغتصب علنيا،دون حياء و على وجه لا يحتاج لمحاكمات أو نظر، من أي نوع،لأن زعيم المافيا العزيزية الخطيرة نفسه،اعترف بالغنى عن راتبه، كل فترة اغتصابه للقصر الرئاسي الرمادي!.و لسان حال بعض المتشائمين،يشتكى و يصرخ بصوت صريح مرتفع ،يا معشر الموقعين بسرعة على صكوك البراءة، لقد شهدتم زورا و تركتم جرحا غائرا فى الذاكرة الجمعية الموريتانية،و لا يهمنا ما بقي من المهزلة و المؤامرة،القديمة الجديدة المتجددة المزمنة،فما خفي أعظم،و انتظروا إنا معكم منتظرون،فيوم محاسبة الشارع و الغوغاء، سيشفى صدور قوم فقراء مغبونين،يمثلون السواد الأعظم،الذى أوشك على الانفجار غضبا،من هول الصدمة و تجاسر أهل الجريمة الوارية للعيان،و للجميع،داخليا و خارجيا.أجل تجاسرهم على تطبيق أحمق مغيظ لمقولة،ضربنى و بكى و سبقنى و شكا!.و باختصار لقد انتهت مرحلة التستر و التسامح الزائد الأحمق و بدأت مرحلة التقاضى و الحساب و التدقيق و التمحيص.ترى هل يحمل الرئيس الحالي شعارات إصلاحية، بدون رؤية شاملة متماسكة و خارطة طريق لتنزيلها،و لو تدريجيا و تصاعديا لأرض الواقع؟!. و فى المثل الحساني:"انش مايكد عود بإقطاطيه"،حيث يروج المشككون هذا المثل ضد الرئيس الحالي.و باختصار الجو غامض غائم،و أتوقع أن ينحاز المعنيون بالحسم،لخيارات السواد الأعظم الداعى للجدية فى مكافحة الفساد،بعد بعض ما حصل من خيبة أمل فى الشوط الأول من التقاضى.و عموما نواكشوط حبلى، و على وشك الميلاد،فنرجو من الله أن لا يكون على غرار المثل "تمخض الجبل فولد فأرا"،أو فأرة!.فبعض الفئران المذعورة تمت تبرئتهم فى الشوط الأول مع فأرتين فحسب،على رأي البعض!.