صفقة الامير محمد بن سلمان النفطية مع بوتين هل ستؤدي الى استقرار الاسواق فعلا؟

ثلاثاء, 2016/09/06 - 12:16

حرص الامير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودي على اللقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى جانب زعماء آخرين، شاركوا في قمة الدول العشرين التي انعقدت في مدينة هانغتشو الصينية في اليومين الماضيين، حيث مثّل بلاده في هذه القمة نيابة عن والده الملك سلمان بن عبد العزيز.اللقاء الذي تم على هامش القمة مع الرئيس الروسي تناول ملفات عدة ابرزها السوري والنفطي، ولعل ارتفاع اسعار النفط بنسبة 5 بالمئة بسبب اتفاق الجانبين الروسي والسعودي على تشكيل مجموعة عمل مشتركة لمراقبة اسواق النفط تجتمع بشكل دوري، هو احد الثمار السريعة له.السعودية وروسيا تعتبران اكبر دولتين منتجين للنفط في العالم، اي ما يقرب من خمس الانتاج العالمي، ولقاء وزيري النفط في البلدين (خالد الفالح والروسي اليكسندر نوفاك)، اراد ان يوجه رسالة الى العالم بأن الدولتين قادرتان ان يكونا بديلا عن منظمة “اوبك”، فيما يتعلق بالتحكم في الاسواق العالمية واستقرارها، اذا ما اتفقنا سويا حول الانتاج والاسعار.اللقاء الثنائي لم يتوصل الى اي اتفاق حول القضية الاهم، وهي تجميد الانتاج عند معدلاته الحالية كمقدمة اولى لرفع الاسعار، ولكنه خطوة مهمة، ورسالة واضحة الى الاسواق العالمية والدول المنتجة الاخرى، داخل منظمة “اوبك” او خارجها.عدم الاتفاق على تجميد معدلات الانتاج يعود الى ايران بالدرجة الاولى التي رفضت الالتزام بإتفاق الدوحة في شباط (فبراير) الماضي، وهو الامر الذي دفع بالامير بن سلمان الى الطلب من الوفد السعودي برئاسة الوزير علي النعيمي عدم التوقيع والانسحاب فورا، وبعد ايام معدودة جرى اعفاء الوزير النعيمي من منصبه، لانه اعترض على هذا التصرف لانعكاساته السلبية على مصداقيته، وقيل انه بادر بالاستقالة فور عودته من الدوحة الى الرياض.ايران الآن باتت تضخ حوالي 3.36 مليون برميل يوميا، اي ما يعادل انتاجها في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2011، اي قبل فرض العقوبات الاقتصادية عليها، ومن المتوقع ان يصل الانتاج الى حوالي اربعة ملايين برميل قبل نهاية العام الحالي وهو حدها الاقصى، اي انها باتت اكثر مرونة تجاه مقترح تجميد الانتاج في اطار اي اتفاق بين الدول المنتجة داخل “اوبك” وخارجها، حسب اراء السيد عبد الصمد العوضي خبير النفط العالمي، وممثل الكويت لاكثر من عشر سنوات في منظمة “اوبك”، الذي قال لـ”راي اليوم” ان ارتفاع اسعار النفط لا يمكن ان يصل الى فوق حاجز الخمسين دولارا واكثر، الا اذا قررت السعودية  تخفيض انتاجها من 10.75 مليون برميل يوميا الى اقل من 10.2 برميل، و”استغرب امرين، الاول: هو عدم التشاور مع دولتين منتجتين مهمين داخل اوبك، هما العراق وايران، حيث ينتجان سويا اكثر من ثمانية ملايين برميل، والثاني: عدم جلوس السعودية والامارات والكويت وقطر سويا، وفحص انتاجها وتخفيضه، والذهاب الى الدول الاخرى مثل روسيا وفنزويلا وايران والعراق، والاتفاق على تجميد مشترك للانتاج، بما يؤدي الى رفع الاسعار”؟ وبما يكفّر عن كارثة رفض هذا التجميد قبل عامين؟السيد العوضي قال ساخرا “وزراء نفط الخليج بارعون في مدح الآخرين، ولا يملكون اي حلول، رعاهم الله، ومن عينهم”.ويعتقد السيد العوضي “ان التقارب النفطي السعودي الروسي تقارب سياسي اكثر مما هو اقتصادي، والهدف منه توجيه رسالة الى امريكا من قبل السعودية، وهو ان لديها البديل الروسي”.القفزة في اسعار النفط قد لا تدوم طويلا، وهي مجرد فقاعة من صنع المضاربين سرعان ما تنفجر، حسب رأي العديد من الخبراء اتصلت بهم “راي اليوم”، ومن بينهم السيد العوضي.التحول الرئيسي اللافت في المشهد النفطي هو التراجع في الموقف السعودي الذي بات مؤيدا لتجميد الانتاج، وهو ما عارضته المملكة قبل اكثر من عامين ونصف العام، وادت هذه المعارضة الى انهيار الاسعار من 119 دولارا للبرميل الى ثلاثين دولارا قبل ان ترتفع الى ما فوق الاربعين دولارا حاليا.اللقاء مع الروس على ارضية تجميد الانتاج لرفع الاسعار اعتراف سعودي بفشل السياسة السابقة التي كلفت دول الخليج اكثر من 300 مليار دولار سنويا، ودفعت بدول منتجة عربية واسلامية مثل الجزائر ونيجيريا، الى جانب دول صديقة مثل فنزويلا، الى حافة الافلاس.الهدف من سياسية رفض تخفيض الانتاج التي تزعمتها السعودية، كان احداث حالة شلل في الاقتصادين الروسي والايراني بسبب موقفهما في الازمة السورية، ومن سخريات القدر ان اقتصاد البلدين تحسن، بينما تدهورت العوائد النفطية الخليجية، وتبخرت نسبة كبيرة من احتياطاتها المالية، وتضخم العجز في ميزانياتها، وبدأت تطبق سياسيات تقشفية عناوينها الابرز فرض ضرائب غير مباشرة على مواطنيها وخفض الدعم عن السلع الاساسية.روسيا المستفيد الاكبر من اي تنسيق مع السعودية في ميدان النفط، لانها وصلت الحد الاقصى من قدراتها الانتاجية (تنتج حاليا 10.9 برميل)، ويهمها ان تسحب الحليف الاكبر لامريكا في المنطقة، اي السعودية الى معسكرها.زمن الطفرة النفطية قد ولى للأسف، والاحتياطات العربية تبخرت، والحروب الحالية في المنطقة ستمتص ما تبقى منها، ومعاناة الشعوب ستتفاقم، وشركات الاسلحة ستكون الرابح الاكبر.لقد طارت الطيور بأرزاقها.“راي اليوم”