ولد أحمد إزدبيه في ضيافة الإخوان .. هل انتهت القطيعة ؟ /موقع زهرة شنقيط

سبت, 2014/07/19 - 13:25

شكل حضور رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا اسلكو ولد أحمد إزدبيه لحفل الإفطار السنوي المنظم من قبل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) أكثر مفاجئة للحزب ولشركائه، والساحة السياسية التي راقبت سلوك الطرفين طيلة السنوات الأربعة الأخيرة. الحزب الذي يتصدر المعارضة الموريتانية منذ 2012 بفعل الزخم الجماهيري، والمكاسب الانتخابية بعد انتخابات يونيو 2013 كان الأكثر خصومة مع الرجل الذي يوصف بالنافذ في دوائر الحكم بعد حركة صعود لافتة في هرم السلطة منذ أول لقاء يجمعه برئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز سنة 2009.

لقد ظلت العلاقة بين الحزب والرجل في توتر دائم، غذتها صراعات الجامعة بين النقابة المحسوبة علي التيار الإسلامي (الوطني) ورئيس الجامعة الذي قلب لها ظهر المجن اثر دخول التيار الذي تنتمي إليه في صراع مع الجنرالات الذين أمسكوا زمام الأمور في البلد بعد فترة مدنية لم تعمر طويلا بفعل ضعف الأساس الذي بنيت عليه.

وأزدادات القطيعة بعد تحميل الإسلاميين صراحة رئيس الجامعة بالوقوف وراء المواجهات العرقية التي شهدتها الجامعة، وكادت تعصف بالبلد، اثر المعلومات المتداولة عن تحريضه لبعض الطلبة الزنوج ضد الإسلاميين داخل الجامعة وخارجها، واتخاذه قرارا مفاجئا بإلغاء نتائج الجامعة التي اكتسحها ممثلو الاتحاد الوطني لطلبة موريتانيا بعد تعبئة شاملة شارك فيها معظم الفاعلين في الساحة لحصد بعض المكاسب النقابية والسياسية.

ولم يك اختياره مديرا للديوان بداية راحة، بل صعد الحزب والإعلام المحسوب عليه من لهجته ضد مدير الديوان الجديد، وانخرط الرجل في حرب استمالة لعناصر الحزب من الطلاب الجامعيين، مستغلا حالة العوز والفقر التي جذبت آخرين إلي مصاف الأنظمة في حوادث مشابهة، فكانت أول ضربة إعلامية وسياسية ينفذها الإسلاميون ضد الرجل باحكام في أحد فنادق العاصمة نواكشوط (الخيمة) بعدما كشفوا أمام الكاميرات تورطه في أعمال وصفها "الضحية" المحتمل بأنها قذرة من قبل شراء الذمم، ودفع المال والوعد بوظيفة مقابل التهجم علي الإسلاميين ودورهم السلبي في الجامعة، والاستقالة من النقابة التي باتوا يسيرونها بشكل مباشر.

ولم تنته الأزمة بعد خروجه من القصر، وتعيينه وزيرا للتعليم فرئيسا للحزب الحاكم،بل ظلت الحرب بينهم دائرة، وبيانات التنقيص أفضل مايتم تبادله بين الشريكان اليوم بلغة أحد رموز حزب تواصل.

ما الذي تغير؟

شكلت انتخابات الرئاسة الأخيرة محطة فاصلة في سلوك ولد أحمد إزدبيه، وتعاطي حزب التجمع مع السلطة القائمة، ضمن حالة من الرفض تحافظ علي المكتسبات الموجودة،وترفض الانجرار وراء أجندة السلطة الموصومة إسلاميا بالأحادية.

تواري ولد إزدبيه خلف المؤسسية، وقرر التحول من فاعل مستتر إلي رئيس حزب سياسي يكافح من أجل مكان داخل الساحة، نافيا أي خصومة بينه وبين الإسلاميين بموريتانيا أو أي جهة سياسية، في تطور كبير لخطاب الحزب الحاكم الذي ظل أكثر رموزه حبا للإعلام في صدام سياسي وإعلامي مع الإسلاميين، خصوصا رئيس لجنة السياسات المنصرف عن الأنظار محمد محمود ولد جعفر، ونائب رئيس الحزب السابق محمد يحي ولد حرمه صاحب البيانات المكتوبة، والعبارات النابية مع كل جلسة يعقدها الحزب أو ندوة تنظمها لجنة النساء.

ومع أول توتر بين الإسلاميين والسلطة بعد حالة الفزع التي انتابت بعض دوائر السلطة ابان حادثة تمزيق المصحف الشريف، كان نائب رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم الوجه الملائم للمرحلة، تنغيصا وشتما وتحريضا وتهديدا للجماعة رغم محاولة بعض الأطراف الأخرى التقليل من حجم المواجهة المرتقبة.

ونال هو الآخر نصيبه من سهام الجماعة ،ردا علي البيانات المتتالية، وسخرية علي الشبكة التواصلية إلي درجة بات ذكره و"الماعز" مقترنان لدي دوائر واسعة من كتاب الجماعة ومدونيها اثر حملة اعلامية محكمة قادها الإسلاميون بعد تورط الأمن السياسي في فبركة تقارير كاذبة عن جمعية الشيخ الددو.

انحي ولد أحمد أزدبيه عن العاصمة أو تعامل معها بمنطق أكثر مسؤولية باعتبار الإجراءات المتخذة ضد جمعية المستقبل شأن حكومي، والدفاع عن تلك الإجراءات سليمة كانت أو غير سليمة من واجب وزارة الإعلام، وتم تحييد الرجل بشكل شبه مدروس من كافة كتاب التيار الإسلامي وناطقيهم ضمن حالة سياسية نادرة الوقوع.

ظل الوخز بالإبر بين الرئيس والحزب مستمر،خصوصا مساعي السحب والتوجيه، والتحكم في الشعبية بعد أن قرر الحزب مقاطعة انتخابات الرئاسة، غير أن العلاقة بين الطرفين ظلت مقبولة في مجملها، وتحكم توازن الرئيس الجديد للحزب الحاكم في كلامه وتصرفاته، وانشغال الحزب بأولويات أخري وفاعلين آخرين في تقليل حجم المشترك من المشاكل أو الرسائل السلبية المتبادلة رغم عدم نقاء الجو أو عودة الحياة السياسية إلي طبيعتها.

كيف تمت الدعوة؟

تقول مصادر بحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل) أن الحزب وجه دعوة لكافة التشكيلات السياسية المعترف بها، والشخصيات الاعتبارية لحضور إفطاره السنوي، ضمن سلوك يغلب التفاهم في الأمور غير السياسية، ويستذكر المشترك بين المسلمين في شهر رمضان خصوصا أبناء البلد الواحد.

غير أن كافة أحزاب الأغلبية وبعض أحزاب المعارضة قاطعوا الإفطار بفعل عدم الرغبة في حضوره أو تفضيل التزامات أخري، أسرية أو سياسية عن حضور حفل في الغالب يحدد العلاقة بين أطراف مشتركة في الطرح أو التفكير أو يجمع بينها مشترك من العمل السياسي أو الثقافي.

غير أن رئيس الحزب الحاكم اسلكو ولد أحمد إزدبيه قرر إحداث المفاجئة والحضور لحفل الإفطار، ملبيا الدعوة التي وصلته، ومعطيا صورة عن رئيس حزب حاكم واثق من نفسه ومن الأرضية التي يتحرك عليها.

كما أن الرجل الذي دأب رئيسه علي تنظيم افطارات رمضانية ودعوة الآخرين إليها، ملزم من الناحية الأخلاقية أن يحضر أي دعوة وجهت له،حتي ولو كان أصحابها قاطعوا إفطار الرئيس باعتبار أن مقاطعتهم هي السلوك الشاذ، وأن التواصل في المناسبات الرمضانية بل والسياسية هو السلوك الأمثل في التعامل مع شركاء الوطن.

استقبل ولد إزدبيه في مكان الإفطار من قبل رموز الحزب، وحظي بسلام متفاوت من أغلب رموز المعارضة، وخصوصا رئيس المنتدي الشيخ سيد أحمد ولد باب ورئيس التكتل أحمد ولد داداه ورئيس حزب حاتم صالح ولد حننا، ورئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمه ورئيس حزب المستقبل.

وقد شارك في الإفطار مع رفاقه الجدد، وسمع من ولد منصور كلمات هادئة حينما قسم الأطراف التي وجهت لها الدعوة إلي ثلاثة أطراف مابين حليف أو شريك في الوطن، وهي دوائر الانتماء الثلاثة (المنتدي + المعاهدة وصار+ الأغلبية).

وقد رد ولد أحمد إزدبيه بكلمات هادئة ومحسوبة ، مثنيا علي الحزب وتجربته وداعيا القوي السياسية الأخري إلي سلوك نفس النهج دون تفصيل أو إطالة في كلمة هي الثانية بعد كلمة زعيم المعارضة أحمد ولد داداه الذي أختار التحليق خارج حدود البلد، والتركيز علي بعض التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية.

ورغم أن الدعوة كانت بعيدة عن الجو السياسي المشحون وتداعياته،وذات صبغة رمضانية أخوية، إلا أن بعض السياسيين أبي إلا أن يذكر بجانبها السياسي مؤكدا أن تنقية الأجواء تحتاج إلي أكثر من نشاط وربما جهود أكثر من حزب في إشارة إلي أن الأزمة السياسية مستمرة بغض النظر عن موائد الرحمن في رحاب حزب تواصل.