غضب الحليم إلى أين؟/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

أحد, 2024/01/14 - 22:44

غضب الحليم إلى أين؟!/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن/لا علم لي بحل مشكلة الشاحنات على الحدود الشمالية عند “الكركرات”.
و ما تحمل تلك الشاحنات من خضروات،ربما لا يكون من الصنف الأجود،حيث قررت سلطاتنا رفع مبلغ الرسوم المفروضة على تلك البضائع،و لم يقبل المعنيون ذلك،مما نتج عنه تكدس الشاحنات فى تلك المنطقة الحدودية،و فى المقابل و من قبل هذا الحدث لم تتوقف المسيرات عن قتل أبناءنا فى تلك المنطقة المحاذية للصحراء الغربية،و رغم أنها منطقة نزاع مزمن،إلا أن أبناءنا يقتلون فيها بدم بارد،و عندما يرفع الموريتانيون سقف ضرائبهم يفتعل البعض حملة إعلامية شعواء على موريتانيا،دون حتى تذكر صبر و صمت جهتنا الرسمية على تفاقم أعداد الضحايا،جراء قصف المسيرات المدمرة لأجساد البرءاء!.

موريتانيا تتفادى الانغماس فى أزمة دبلوماسية و سياسية مع جار شقيق،و فى المقابل تتكرر دعوتها لرعاياها بالابتعاد عن مناطق النزاع و عدم التنقيب أو الدخول فيها،و عندما تقرر السلطات محقة رفعا نسبيا لبعض الضرائب على الشحانات المحملة بالخضروات و غير ذلك ،ينتفض الذباب الألكتروني و يتهجم دون حساب على دولتنا و رئيسنا!.

إذا كان البعض يتوهم أن الموريتانيين،رسميا أو شعبيا،يستسيغون قتل أبناءهم بدم بارد،فهذا قصور فهم بالغ،بل إن مثل تلك الاحداث جعل من جارنا الشقيق غولا فى نظر الرأي العام المحلي لا يعتبر الجيرة و مقتضياتها،بل و أصبح من الصعب تقبل تأويل مثل تلك الاغتيالات المتكررة،التى باتت قادرة على تقويض الثقة بين الشعبين بالدرجة الأولى،أما علاقات الدول فقد تقتضى نفسا أطول،لكن غضب الحليم أشد ردعا من أسلوب غضب غيره،و لعل قصة الرسوم و الشاحنات من بدايات غضب الحليم،صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى،و ليس من أقساها،فهلا راجعتم حساباتكم و أيقنتم أن الدم الموريتاني غال و شديد السمية؟!.

و لو افترضنا أن لكم السلطة على تلك المنطقة المتنازع عليها،رغم اعترافنا رسميا بالدولة العربية الصحراوية،ألم يكن يكفى توقيفكم للمتجاوزين و عقابهم ،على المنحى الذى تريدون،أما قتلهم و تمزيق أشلاءهم و تحطيم سياراتهم بالقذائف عن قرب،فهذا استفزاز و احتقار و عداوة و إعلان حرب،و لو ضمنيا.

و إذا كانت ردة فعل الرئيس غزوانى حفظه الله،مجرد رفع الرسوم على شاحنات الخضروات ،فهذه رسالة أولى ،و ناعمة نسبيا ،بالمقارنة مع قتل البرءاء ،لعلكم تتجهون للحلحلة و التهدئة و ضبط النفس.

فالاجواء فى موريتانيا مشحونة شعبيا بالدرجة الأولى ،و من الأفضل العمل على الابتعاد عن التصعيد بالمزيد من التعقل و وقف المسارعة للتصفية عن طريق المسيرات المدمرة،و عموما الغرامات ،و إن ارتفعت ،أقل ضررا من القتل العشوائي المستمر المتكرر،دو حساب و روية.

و نعرف أن البعض داخل بعض الأجهزة ،يقول و يروج ،الموريتانيون “اديالن” و ضعفاء و يمكن فعل ما نريد،لكن موريتانيا مستقلة و محترمة و متأنية ،و للصبر حدود.

و نحن ندرك أن طبيعة الجغرافيا و التاريخ و عمق العلاقات بين الشعبين الشقيقين تفرض إقامة علاقات إيجابية اخوية ،بكافة دلالات الكلمة،لكن القتل و التصفيات الوحشية المستمرة لأبسط سبب ،غير مشجعة و لا يمكن معها استمرار الصبر و التغاضى،و مع ذلك عندما ترفع بعض الرسوم،التى قد تفرضها ضرورات و مبررات اقتصادية صرفة ينطلق لسان بعض المستهزئين بحرمة العلاقات و الصلات الضاربة فى العمق.

و نرجو ان يكون الظرف المتوتر نسبيا سحابة صيف عبر الابتعاد عن أسبابه و عدم العودة لها،فإراقة الدماء كأول ردة فعل لأبسط تجاوز ،مؤشر احتقار و اعتداء ،لا يمكن قبوله و استمرار السكوت عليه،رغم أن ما قامت به الحكومة الموريتانية مجرد تنبيه،فى سياق ربما غضب الحليم،و مع ذلك دعت رعاياها دائما لعدم تجاوز الحدود،و كررت ذلك عند كل فاجعة.